عُدنا والعودُ أحمدُ ... الرجاء من زوارنا الكرام تزويدنا بالوصلات التي لاتعمل

جديد مدونتنا

إبــحــث عن كتــــاب

الخميس، 26 أغسطس 2010

كيف تتفاوض وتنجز اتفاقية دون استسلام لجيم اندرسون




سواء أحببت أم لا، أنت مفاوض. التفاوض حقيقة الحياة. أنت في نقاش متصاعد مع رئيسك. تحاول التفاهم مع غريب على سعر منزله. محاميان يحاولان حلّ دعوة ظهرت جراء حادث سيارة. مجموعة من شركات النفط تخطط لمغامرة اكتشاف موقع نفط شاطئي.. كل هذا يُسمى تفاوض. العديد والكثير من المناسبات تحتاج التفاوض، النزاع هو قطاع نامي. يرغب الجميع المشاركة بالقرار الذي يؤثر عليهم، والقليل من الأشخاص من يتقبل النقاش المفروض من الآخرين. يختلف الأشخاص عن بعضهم البعض ويستخدمون التفاوض لمعالجة اختلافاتهم.



على الرغم من أن التفاوض يحصل كل يوم، فليس من السهل القيام به بشكل جيد. الاستراتيجيات المثالية في التفاوض غالباً ما تترك الآخرين مستاءين، مرهقين، أو معزولين، وفي كثير من الأحيان الأمور الثلاثة معاً.



استراتيجيات التفاوض المثالية تقع بين القوة واللين، لكن كل منها يتضمن محاولة متبادلة للوصول إلى ما تريده، أو تسوية مع الآخرين.



هناك طريقة ثالثة للتفاوض، طريقة لا تعتبر لينة ولا قدية، بالأحرى تضم كلتا الطريقتين السابقتين. وهي طريقة التفاوض وفق المبدأ الذي ينهي القضايا وفقاً لما تستحقه بدلاً من الخضوع لمساومة ترتكز على ما يقوله كل جانب بأنه سيقوم أو لن يقوم بالمساومة.



تقترح هذه الطريقة البحث عن المكاسب المتبادلة قدر الإمكان، وحين تتضارب مصالحك، عليك الإصرار على أن تكون النتيجة مستنداً إلى بعض المقاييس المستقلة العادلة وفقاً لرغبة الطرفين. طريقة التفاوض وفق المبدأ شديدة على الاستحقاقات، ولينة على الأشخاص. لا تستخدم خدعاً ومواقف. يُبدي لك التفاوض وفق المبدأ إمكانية الانتفاع من إنصافك.



يدور هذا الكتاب حول طريقة التفاوض وفق المبدأ. يصف الفصل الأول من الكتاب المشاكل التي تنشأ من استخدام الاستراتيجيات العادية بالتساوم على المناصب. والفصول الأربع التالية تخطط المبادئ الأربع للمنهج.



والفصول الثلاثة الأخيرة تجيب على الأسئلة الأكثر شيوعاً والتي تسأل عن هذه الطريقة: ماذا لو كان الآخرين أكثر قوة؟ ماذا إذا لم يرغب الآخرين بالمشاركة؟ وماذا لو استخدم الآخرين خدعاً خبيثة؟





السبت، 21 أغسطس 2010

تاريخ آداب العرب بأجزائه الثلاثة للرافعي




عن الكاتب
ولد مصطفى صادق الرافعي على ضفاف النيل في قرية بهتيم من قرى مدينة القليوبية بمصر في يناير عام 1880م. لأبوين سوريَّين؛ حيث يتصل نسب أسرة والده بعمر بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم في نسب طويل من أهل الفضل والكرامة والفقه في الدين. وقد وفد من آل الرافعي إلى مصر طائفة كبيرة اشتغلوا في القضاء على مذهب الإمام الأكبر أبي حنيفة النعمان حتى آل الأمر أن اجتمع منهم في وقت واحدٍ أربعون قاضياً في مختلف المحاكم المصرية؛ وأوشكت وظائف القضاء أن تكون حِكراً عليهم، وقد تنبه اللورد كرومر لذلك وأثبتها في بعض تقارير إلى وزارة الخارجية البريطانية.







أما والد الرافعي الشيخ عبد الرزاق سعيد الرافعي فكان رئيساً للمحاكم الشرعية في كثير من الأقاليم المصرية، وقد استقر به المقام رئيساً لمحكمة طنطا الشرعية، وهناك كانت إقامته حتى وفاته، وفيها درج مصطفى صادق وإخوته لا يعرفون غيرها، ولا يبغون عنها حولاً.







أما والدته فهي من أسرة الطوخي وتُدعى " أسماء " وأصلها من حلب، سكن أبوها الشيخ الطوخي في مصر قبل أن يتصل نسبهم بآل الرافعي. وهي أسرة اشتهر أفرادها بالاشتغال بالتجارة وضروبها.







ثقافته وأدبه







لهذه الأسرة المورقة الفروع ينتمي مصطفى صادق وفي فنائها درج، وعلى الثقافة السائدة لأسرة أهل العلم نشأ؛ فاستمع من أبيه أول ما استمع إلى تعاليم الدين، وجمع القرآن حفظاً وهو دون العاشرة، فلم يدخل المدرسة إلا بعدما جاوز العاشرة بسنة أو اثنتين، وفي السنة التي نال فيها الرافعي الشهادة الابتدائية وسنه يومئذٍ 17 عاماً أصابه مرض التيفوئيد فما نجا منه إلا وقد ترك في أعصابه أثراً ووقراً في أذنيه لم يزل يعاني منه حتى فقد حاسة السمع وهو بعد لم يجاوز الثلاثين.







وكانت بوادر هذه العلة هي التي صرفته عن إتمام تعليمه بعد الابتدائية. فانقطع إلى مدرسته التي أنشأها لنفسه وأعد برامجها بنفسه؛ فكان هو المعلم والتلميذ، فأكبَّ على مكتبة والده الحافلة التي تجمع نوادر كتب الفقه والدين والعربية؛ فاستوعبها وراح يطلب المزيد، وكانت علته سببًا باعد بينه وبين مخالطة الناس، فكانت مكتبته هي دنياه التي يعيشها وناسها ناسه، وجوها جوه وأهلها صحبته وخلانه وسمّاره، وقد ظل على دأبه في القراءة والاطلاع إلى آخر يوم في عمره، يقرأ كل يوم 8 ساعات لا يكل ولا يمل كأنه في التعليم شادٍ لا يرى أنه وصل إلى غاية.







نتاجه الأدبي والفكري







استطاع الرافعي خلال فترة حياته الأدبية التي تربو على خمسٍ وثلاثين سنة إنتاج مجموعة كبيرة ومهمة من الدواوين والكتب أصبحت علامات مميزة في تاريخ الأدب العربي.







(1) دواوينه الشعرية:







كان الرافعي شاعراً مطبوعاً بدأ قرض الشعر وهو في العشرين، وطبع الجزء الأول من ديوانه في عام 1903 وهو بعد لم يتجاوز الثالثة والعشرين، وقد قدّم له بمقدمة بارعة فصّل فيها معنى الشعر وفنونه ومذاهبه وأوليته. وتألق نجم الرافعي الشاعر بعد الجزء الأول واستطاع بغير عناء أن يلفت نظر أدباء عصره، واستمر على دأبه فأصدر الجزأين الثاني والثالث من ديوانه. وبعد فترة أصدر ديوان النظرات، ولقي الرافعي حفاوة بالغة من علماء العربية وأدبائها قلّ نظيرها، حتى كتب إليه الإمام محمد عبده قائلاً: " أسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفاً يمحق الباطل، وأن يقيمك في الأواخر مقام حسان في الأوائل ".







(2) كتبه النثرية:







قلّ اهتمام الرافعي بالشعر عما كان في مبتدئه؛ وذلك لأن القوالب الشعرية تضيق عن شعوره الذي يعبر عن خلجات نفسه وخطرات قلبه ووحي وجدانه ووثبات فكره، فنزع إلى النثر محاولاً إعادة الجملة القرآنية إلى مكانها مما يكتب الكتاب والنشء والأدباء، أيقن أن عليه رسالة يؤديها إلى أدباء جيله، وأن له غاية هو عليها أقدر، فجعل هدفه الذي يسعى إليه أن يكون لهذا الدين حارساً يدفع عنه أسباب الزيغ والفتنة والضلال، وينفخ في هذه اللغة روحاً من روحه، يردّها إلى مكانها ويرد عنها فلا يجترئ عليها مجترئ، ولا ينال منها نائل، ولا يتندر بها ساخر إلا انبرى له يبدد أوهامه ويكشف دخيلته. فكتب مجموعة من الكتب تعبر عن هذه الأغراض عُدت من عيون الأدب في مطلع هذا القرن. وأهمها:







1. تحت راية القرآن: المعركة بين القديم والجديد: وهو كتاب وقفه –كما يقول- على تبيان غلطات المجددين الذي يريدون بأغراضهم وأهوائهم أن يبتلوا الناس في دينهم وأخلاقهم ولغتهم، وهو في الأصل مجموعة مقالات كان ينشرها في الصحف في أعقاب خلافه مع طه حسين الذي احتل رده على كتاب " في الشعر الجاهلي " معظم صفحات الكتاب.







2. وحي القلم: وهو مجموعة من مقالاته النقدية والإنشائية المستوحاة من الحياة الاجتماعية المعاصرة والقصص والتاريخ الإسلامي المتناثرة في العديد من المجلات المصرية المشهورة في مطلع القرن الماضي مثل: الرسالة، والمؤيد والبلاغ والمقتطف والسياسة وغيرها.







3. تاريخ الأدب العربي: وهو كتاب في ثلاثة أجزاء، الأول: في أبواب الأدب والرواية والرواة والشواهد الشعرية، والثاني: في إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، وأما الثالث: فقد انتقل الرافعي إلى رحمة ربه قبل أن يرى النور؛ فتولى تلميذه محمد سعيد العريان إخراجه؛ غير أنه ناقص عن المنهج الذي خطه الرافعي له في مقدمة الجزء الأول.







4. حديث القمر: هو ثاني كتبه النثرية وقد أنشأه بعد عودته من رحلة إلى لبنان عام 1912؛ عرف فيها شاعرة من شاعرات لبنان ( مي زيادة ) ، وكان بين قلبيهما حديث طويل، فلما عاد من رحلته أراد أن يقول فكان " حديث القمر ".







5. كتاب المساكين: وهو كتاب قدّم له بمقدمة بليغة في معنى الفقر والإحسان والتعاطف الإنساني، وهو فصول شتى ليس له وحدة تربطها سوى أنها صور من الآلام الإنسانية الكثيرة الألوان المتعددة الظلال. وقد أسند الكلام فيه إلى الشيخ علي الذي يصفه الرافعي بأنه: " الجبل الباذخ الأشم في هذه الإنسانية التي يتخبطها الفقر بأذاه "، وقد لقي هذا الكتاب احتفالاً كبيراً من أهل الأدب حتى قال عنه أحمد زكي باشاً: " لقد جعلت لنا شكسبير كما للإنجليز شكسبير وهيجو كما للفرنسيين هيجو وجوته كما للألمان جوته ".







6. رسائل الأحزان: من روائع الرافعي الثلاثة؛ التي هي نفحات الحب التي تملكت قلبه وإشراقات روحه، وقد كانت لوعة القطيعة ومرارتها أوحت إليه برسائل الأحزان التي يقول فيها " هي رسائل الأحزان لا لأنها من الحزن جاءت؛ ولكن لأنها إلى الأحزان انتهت؛ ثم لأنها من لسان كان سلماً يترجم عن قلب كان حرباً؛ ثم لأن هذا التاريخ الغزلي كان ينبع كالحياة وكان كالحياة ماضياً إلى قبر ".







7ـ. السحاب الأحمر: وقد جاء بعد رسائل الأحزان، وهو يتمحور حول فلسفة البغض، وطيش القلب، ولؤم المرأة.







8. أوراق الورد رسائله ورسائلها: وهو طائفة من خواطر النفس المنثورة في فلسفة الحب والجمال، أنشأه الرافعي ليصف حالةً من حالاته ويثبت تاريخاً من تاريخه، كانت رسائل يناجي بها محبوبته في خلوته، ويتحدث بها إلى نفسه أو يبعث بها إلى خيالها في غفوة المنى، ويترسل بها إلى طيفها في جلوة الأحلام.







9. على السَّفُّود: وهو كتاب لم يكتب عليه اسم الرافعي وإنما رمز إليه بعبارة إمام من أئمة الأدب العربي؛ وهو عبارة عن مجموعة مقالات في نقد بعض نتاج العقاد الأدبي.







الرافعي ومعاركه الأدبية







كان الرافعي ناقداً أدبياً عنيفاً حديد اللسان والطبع لا يعرف المداراة، ولا يصطنع الأدب في نضال خصومه، وكانت فيه غيرة واعتداد بالنفس، وكان فيه حرص على اللغة كما يقول: " من جهة الحرص على الدين إذ لا يزال منهما شيء قائم كالأساس والبناء لا منفعة بأحدهما إلا بقيامهما معاً ". وكان يهاجم خصومه على طريقة عنترة، يضرب الجبان ضربة ينخلع لها قلب الشجاع، فكانت له خصومات عديدة مع شخصيات عنيدة وأسماء نجوم في الأدب والفكر والثقافة في مطلع القرن، فكانت بينه وبين المنفلوطي خصومة ابتدأها هذا الأخير بسبب رأي الرافعي في شعراء العصر. وكانت له صولات مع الجامعة المصرية حول طريقة تدريس الأدب العربي، وجولات أخرى مع عبد الله عفيفي وزكي مبارك. على أن أكثر معاركه شهرةً وحدة هو ما كان بينه وبين طه حسين، وبينه وبين العقاد، بل لعلها أشهر وأقسى ما في العربية من معارك الأدب.







خصومته مع طه حسين:







كانت هذه الخصومة بسبب كتاب طه حسين " في الشعر الجاهلي " الذي ضمّنه رأيه في أن جُلّ الشعر الجاهلي منحول، وهي مقولة خطيرة تنبه لها الرافعي؛ فحمل عليه حملة شعواء في الصحافة المصرية واستعدى عليه الحكومة والقانون وعلماء الدين، وطلب منهم أن يأخذوا على يده وأن يمنعوه من أن تشيع بدعته بين طلاب الجامعة، وترادفت مقالاته عاصفة مهتاجة تفور بالغيظ والحميّة الدينية والعصبيّة للإسلام والعرب، كأن فيها معنى من معاني الدم، حتى كادت هذه الحملة تذهب بـ " طه " وشيعته؛ إذ وقف معقود اللسان والقلم أمام قوة قلم الرافعي وحجته البالغة، وقد أسرّ " طه " هذا الموقف للرافعي، فما سنحت له سانحة ينال بها من الرافعي إلا استغلها كي يرد له الصاع صاعين. غير أن الرافعي كان يقارعه حجة بحجة ونقداً بنقد حتى توفي رحمه الله.







خصومته مع العقاد:







وكان السبب فيها كتاب الرافعي " إعجاز القرآن والبلاغة القرآنية " إذ كان العقاد يرى رأياً مخالفاً لما يرى الرافعي، وقد نشبت بينهما لذلك خصومة شديدة تجاوزت ميدانها الذي بدأت فيه، ومحورها الذي كانت تدور عليه إلى ميادين أخرى؛ جعلت كلا الأديبين الكبيرين ينسى مكانه، ويغفل أدبه ليلغو في عرض صاحبه، ويأكل لحمه من غير أن يرى ذلك مَعابة عليه، وكان البادئ الرافعي في مقالاته " على السفود " التي جمعها له في كتاب صديقه إسماعيل مظهر، وتوقفت المعركة بينهما فترة وجيزة ما لبثت أن اشتعل أوارها مرة أخرى عندما نشر العقاد ديوانه " وحي الأربعين " فكتب الرافعي نقداً لديوانه، تلقفه العقاد بالسخرية والتهكم والشتم والسباب، ولم تزل بينهما الخصومات الأدبية حتى توفي الرافعي رحمه الله.







وفاته:







توفي الرافعي في مايو سنة 1937 عن عمر يناهز 57 عاماً وكان الرافعي إذ ذاك ما يزال يعمل كاتباً ومحصلاً مالياً في محكمة طنطا، وهو العمل الذي بدأ به حياته العملية عام 1900م.
 
 
عن الكتاب
لقد كان جهد الرافعي في تاريخ الأدب العربي كجهد محمود سامي البارودي في بعث الشعر المعاصر ، إذ أنقذه من هوّة الركاكة والسطحيّة وتنسيق المحسّنات ، وارتفع به إلى مستوى الشعر العباسي ، حيث عارض الفحول من السابقين ، ولم يكد يختلف عنهم في إبداعه الرائع ، وكل من جاء بعده من الشعراء أمثال حافظ وشوقي وأحمد محرّم والكاظمي والكاشف قد انتفع به انتفاعاً اعترفوا به عن غبطة وأجلسوه مجلسه القيادي في ريادة الشعر المعاصر .



وإذا عدم الرافعي من ينصفه في هذا المجال ، فإن الذين قرؤوا كتابه حين ظهر للناس من قادة الفكر قد أحلّوه المحل الأرفع ؛ فالأستاذ أحمد لطفي السيّد ، رئيس تحرير ( الجريدة ) ومدير الجامعة فيما بعد ، قد تحدّث عن الكتاب حديث المعجب المحبّذ ، وعدّه فتحاً جديداً في بابه ، والرافعي حينئذ كاتبٌ ناشئ لم يتردد صداه على النحو الذي عرف به فيما بعد ، فهو إذن لم يندفع إلى مجاملة ما حين اعترف بالحق لصاحبه ، وأحمد زكي ، شيخ العروبة ، أشاد بالكتاب في مجلس علمي بإدارة الجامعة المصريّة ، وقال : إنّه فتح جديد . أما الأمير شكيب أرسلان فقد أفرد له مقالاً رنّاناً بجريدة المؤيد ، جاء فيه : " إنّه لو جاز أن يعكف على كتاب في نواشئ الأسحار بعد كتاب الله لكان كتاب تاريخ الأدب للرافعي " .



ولقد استنكر خليل مطران دعوى من يلومون الشاعر الكبير محمد عبد المطّلب على جزالته البيانية فقال :







ربّ ممرور من الجـهل نعى



صـــــحّة القول عليه فنحـبْ







خال إغراباً وما الإغراب في



ذلك اللفــظ الأصيل المنتخبْ







إنمــــــــا الإغراب فيــه أنّـه



عربـــــــي بين أهليه اغتـربْ







أخـــــــذ المعـدن من منجمـه



هل علـــــيه حرج يا للعجـبْ







ذلك البعــــث هو الفتـح الذي



ليس يــــــعدوه لذي لـبّ أدبْ















قصّة تأليف الرّافعي للكتاب







والكتاب بعدُ مرجع واف من أهم المراجع العربيّة المعاصرة ، ولتأليفه قصّة دعت إلى كتابته ، حيث لم يكن في خطّة الرافعي أن يؤلّف كتاباً في تاريخ الأدب العربي ، ولكن دافعاً حثيثاً قد جذبه إلى هذا الميدان ، فألّف سفره الكبير .



فحين أنشئت الجامعة المصريّة القديمة عام 1908م أخذ الرافعي الأديب الشاب يتطلّع إلى ما يدرس بها من قضايا الأدب العربي ، ولكنّه في مدى سنتين لم يجد غير اتجاهين ؛ اتجاه استشراقي يعني بمسائل العلوم عند العرب كتاريخ الفلك والطب والكيمياء ويقوم بتدريسه نفر من المستشرقين أوتوا الإحاطة بتاريخ هذه العلوم إذ قرؤوا من المطبوعات والمخطوطات ما أهّلهم للحديث في هذه المسائل . واتجاه آخر يقوم به أساتذة من المصريين يحوم حول الأدب ولا يقربه .



فكتب مقالاً بالجريدة يتساءل عن موقف الجامعة من الأدب العربي ، وكيف أهملت تدريسه على الوجه المنشود ، وأوضح أنّه لم ير في الاتجاهين اللذين أشرت إليهما ما يؤدي رسالة ما نحو الأدب العربي وتاريخه .



وأوضح أنّ لتاريخ الأدب العربي بالجامعة معنى خاصّاً في ذهن الرافعي ، جعل يفتقده فيما يقرأ ويسمع فلا يجده ، فكتب مقاله لينبّه القائمين على الجامعة إلى أن الأدب العربي بها في حاجة إلى منهج ، وإلى كتاب يطبّق هذا المنهج ، وإلى أستاذ يشرح الكتاب .



وكان لكلمة الرافعي صداها القوي لدى الجامعة ؛ فقد أعلنت عن جائزة ماليّة قدرها مائة جنيه تمنح لمن يؤلّف كتاباً في تاريخ الأدب العربي ، وحددت مدّة لإنجاز التأليف قدرها سبعة أشهر ، وما قرأ الرافعي الإعلان حتّى أحس أنّه مطالب بالتنفيذ الفوري ، ولكنّه كتب يعترض على قيمة الجائزة وعلى مدّة التأليف ، وما كانت قيمة الجائزة مما يشغل الرافعي بالدرجة الأولى ، وإنما كان يشغله كل الشغل هو ما يعبّر عنه في مقال تال لمقاله الأول قال فيه : " إنهم في الأغلب سيعهدون بتدريس الكتاب لغير مؤلّفه فيكون الحاضر لديهم كالغائب عنهم ، ولا فضل لديهم إلاّ أنها تصدر التلقين ، فإذا طبع الكتاب صارت كل مكتبة في حكم الجامعة ، لأن العلم هو الكتاب لا الذي يلقيه ، وإلاّ فما بالهم لا يعهدون بالتأليف لمن سيعهدون إليه بالتدريس ؟ وهل يقتصرون على أن من كفاية الأستاذ القدرة على إلقاء درسه دون القدرة على استنباط الدرس ، واستجماع مادته حتّى لا يزيد على أن يكون هو بين تلاميذه التلميذ الكبير ؟ "



هذا الهجوم من الرافعي على الأساتذة ، وفيهم ذوو القدر الجهير من أمثال حفني ناصف ، ومحمد المهدي ، وأحمد زكي ، لم يكن يدري مغبّته حين كتب نقده المهاجم ، ولعلّ ذلك ما حدا به أن يتقهقر عن تقديم الكتاب بعد طبعه إلى الجامعة ، مع شيء آخر هو أنّ كتاب الأستاذ جورجي زيدان قد ظهر . وكانت الجامعة قد استجابت لكلمته فجلعت مدّة التأليف سنتين كاملتين ، ورفعت الجائزة إلى مائتين ، ومع ذلك فقد آثر الرافعي أن ينسحب .











جولة في فصول الكتاب







لقد خرج الكتاب إلى حيّز الوجود ، ولاقى نصيبه من الترحيب والنقد معاً



التمهيد



وقد جاء التمهيد الأول في فصلين ؛يتحدّث الفصل الأول عن الأدب وتاريخ إطلاق هذا اللفظ عليه ، وعن المؤدبين والمعلمين وعن علوم الأدب وكتبه ، ويتحدّث الفصل الثاني عن العرب وأقسام العربية ، والشعوب الساميّة وطبقات العرب من بائدة وقحطانية وإسماعيليّة وأصل كلمة العرب







ما بعد التمهيد







أما ما بعد التمهيد ، وهو الباب الأول فقد امتد به الحديث إلى فقه اللغة لا إلى ألأدب ، وأقول امتد لأنّه شمل ما بين صفحة 55 إلى صفحة 269 من الطبعة الرابعة ذات الحرف الدقيق .



أما الأبواب التالية فهي في صميم تاريخ الأدب العربي ، وبها نال الكتاب تقديره الحافل ؛ إذ تحدّث عن الرواية والرواة بادئاً بتوسّع العرب في الحفظ مقارنة باليونان ، ومسجّلاً تفوّق الجاهليين في الرواية الشعرية ، إذ كان الشاعر لسان قومه ومدون مفاخرهم ، فهم أحرص الناس على ترديد ما يقول .



أما ما كتبه الرافعي عن الرواية بعد الإسلام فمن أنفس ما كتب عن الرواية في القديم والحديث ، وأكثر من جاء بعده ممن خاضوا في تاريخ الرواية الشعريّة عيال على ما كتب ، وقد كان تاريخ الحديث في تدوينه المتسلسل كالمجهول ؛ لأن كتب الأدب القديمة تجمع عن روايات تتناقض في كثير منها ، وتحتاج إلى قاص ، ففتح الله على الرافعي بما كان مدداً لمن تلاه .



وإذا كان الإسناد في الحديث مما اشتهر فإن الإسناد في الأدب كان يتطلّب معالجة كاشفة بدأها المؤلّف بالفرق الواضح ما بين الإسناد في رواية الحديث والإسناد في رواية الأدب .











ثناء طه حسين على كتاب الرافعي







وقد تحّدث الدكتور طه حسين في الأدب الجاهلي (1)عن جهد الرافعي في تحقيق الوضع في الشعر والقصّة فقال : " وهذا الفن الأدبي تناول الحياة العربية والإسلامية كلها من ناحية خياليّة لم يقدرها الذين درسوا تاريخ الآداب العربية قدرها ، لا أكاد أستثني منهم إلاّ الأستاذ مصطفى صادق الرافعي ، فهو قد فطن لما يمكن أن يكون من تأثير القصص في نحل الشعر وإضافة القدماء ، كما فطن لأشياء أخرى قيّمة وأحاط بها إحاطة حسنة في الجزء الأول من كتابه ( تاريخ آداب العرب ) .



تعقيب الرافعي



" نشكر له ما تفضّل به من الثناء علينا في كتابه واستثنائه إيانا في بعض المعاني من كل من درسوا تاريخ الآداب العربية ، ونحن دون هذا في أنفسنا ، ودون ما أبلغنا إياه مع بعض أصدقائنا ، وإن كنا نعرف من صنيع الأستاذ الفاضل أنه لا ينصفنا مرة إلا بعد أن يظلمنا مراراً ، وأنه اتخذ الوقيعة فينا مذهباً عرف به وغلب عليه حتى لا يكاد يقول أنصار القديم أو يكتب أنصار القديم إلا توجه ذلك عنده إلينا خالصاً دون المؤمنين".











إنكار الرافعي لتقسيم الأدب على نسق العصور السياسية







ومن أسبق ما جاء به الرافعي في تاريخ الأدب أنه أنكر ما عرف من التاريخ الأدبي وفق العصور السياسية .



قال (الرافعي):" إن تلك العصور إذا صلحت أن تكون أجزاء للحضارة العربية التي هي مجموعة الصور الزمنية لضروب الاجتماع وأشكاله ، فلا تصلح أن تكون أبوابا لتاريخ آداب اللغة التي بلغت بالقرآن الكريم مبلغ الإعجاز على الدهر ، ولم تكد تطوي عصرها الأول حتى كان القرآن أول سطر كتب لها في صفحة العصر الثاني شهادة الخلود ، وما بعد أسباب الخلود من كمال".



ثم قال :" فتاريخ الآداب في كل أمة ينبغي أن يكون مفصلا على حوادثها الأدبية ؛ لأنها مفاصل عصوره المعنوية ، والشأن في هذه الحوادث التي يقسم عليها التاريخ أن يكون مما يحدث تغيراً معقولاً في شكله ، وأن يلحق بمادته تنوعاً خاصاً بنوع كل حادثة منها ، فإن لم تكن كذلك لم يكن التاريخ متجدداً إلا باعتباره الزمني ، وهذا ليس بشيء ".











الجزء الثاني







فإذا تركنا الجزء الأول من تاريخ الآداب إلى الجزء الثاني فإننا نجده خاصاً بإعجاز القرآن والبلاغة النبوية ، أفاض الرافعي في هذا الجزء في تحليل البيان القرآني والإبداع النبوي بما فتح الله عليه به من الإلهام المؤمن ، وصنيعه هذا يؤكد اهتمامه بالنص العربي الأول للبيان الرفيع في المكتبة العربية ، لأن أكثر مؤرخي الأدب من قبله ومن بعده يجملون الحديث عن القرآن والحديث في صفحات مبتورة ، وكأنهما ليسا أكبر نتاج حافل في العربية ، وقد يجيء الحديث عن شاعر كـ جرير أو الأخطل في حيز متسع أكثر مما ظفر به هذان الأثران الجهيران ، فأراد الرافعي بإفرادهما في جزء مستقل أن ينبه على أثرهما القوي في الفكر الإسلامي بعامة ، وفي البيان العربي بخاصة ، وقد نشر الجزء الثاني أولاً تحت عنوان ( تاريخ آداب العرب ) ثم بداله بعد سبعة عشر عاماً من ظهور الجزء الثاني ، أن يفرد الحديث عن القرآن والسنة في كتاب مستقل تحت عنوان (إعجاز القرآن والبلاغة العربية ) فلاقى الكتاب في عنوانه الجديد تجاوباً بعيداً من القراء ، حيث تعددت طبعاته ، وقال عنه الزعيم سعد زغلول:" كأنه تنزيل من التنزيل أو قبس من الذكر الحكيم" .







المجلد الضائع







بقي أن أتحدث عن الجزء الثالث من (تاريخ آداب العرب) ، وهو جزء مظلوم لا ندري كيف نحكم عليه ، فإن الرافعي – رحمه الله – وضع خطته في الجزء الأول ، ثم انتقل إلى رحمة الله دون أن يظهر إلى حيز الوجود ، وبحث تلميذه الوفي الأستاذ محمد سعيد العريان في مكتبة الرافعي بعد وفاته ، فوجد ملفاً كبيراً كتب عليه ( الجزء الثالث ) ولكنه حين تصفحه لم يجد منه غير عدة فصول لا تكمل المنهج الذي حدده الرافعي في مقدمة الجزء الأول ، فأين ذهب ما بقي ؟ هل كتبه الرافعي وضاع ؟ هذا احتمال بعيد ، لأن الذي جمع فصول الكتاب في حيز واحد لا يجمع فصولاً ويترك فصولاً ؟ إنما المعقول أن يجمع كل ما كتب ما دام هو الذي جمع وأغلق الملف على وضعه المستقر ، ولكن النقص جاء من طريقة التأليف ، حيث لا يلتزم الباحث أن يكتب الموضوعات وفق تسلسلها الثابت في ذهنه ، بل يكتب فيها ما تتوافر مراجعه لديه ، وأذكر أن الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد في كتابه ( حياة قلم ) قد أشار إلى طريقته في التأليف ، فقال : ما ملخصه " إنه يبدأ فيحدد غرض الكتاب ، ويكتب فهرساً خاصاً بالأبواب ، ويحضر ملفات بعدد الفهارس ، ثم يكتب ما يتاح له الحديث عنه لتوافر مصادره سواء كان على اطراد الفهرس أو على غير اطراده .



فإذا انتهى من موضوع انتقل إلى غيره مما تتهيأ مصادره ، تاركاً ما بعدت مصادره حتى يجيء وقتها فيفرغ للبحث عنها ، ويكتبها ، هذا ما ذكره الأستاذ العقاد ، وما أظن الأستاذ الرافعي قد خالف هذا الاتجاه ، لأنه الأمر الفطري الذي يندفع إليه المؤلف تلقائياً ، حيث يبدأ بالأسهل فالسهل فالصعب فالأصعب ، وقد جربت ذلك في بعض ما ألفت ، إذن فالأبواب الناقصة لم تكتب ، ثم لم يجد الرافعي فرصة من أعماله الأدبية الأخرى كي يعكف على إتمامها ، لأنه كان مشغولاً بالكتابة الوجدانية في سلسلته المعروفة ، أو بالمقالة الصحفية نقداً ، وهجوماً ودفاعاً ، أو بالقصة الدينية التي احتلت أكرم مكان من نتاجه الرفيع .



موضوعات المجلّد المفقود



قد رجعت إلى مقدمة الجزء الأول فوجدته حدد موضوعات الجزء الثالث كما يلي: (1) تاريخ الخطابة والأمثال جاهلية وإسلاماً ، (2) تاريخ الشعر العربي ومذهبه والفنون المستحدثة ، (3) في حقيقة القصائد والمعلقات ، ودرس شعرائها ، (4) في أطوار الأدب العربي وتقلب العصور به ، (5) تاريخ أدب الأندلس إلى سقوطها ومصرع العربية بها ، (6) تاريخ الكتابة وفنونها وأساليبها ورؤساء الكتاب ، (7) حركة العقل العربي وتاريخ العلوم وأصناف الآداب جاهلية وإسلاماً، (8) في التأليف وتاريخه عند العرب ونوادر الكتب العربية ، (9) في الصناعات اللفظية التي أولع بها المتأخرون في النظم والنثر ، وتاريخ أنواعها ، (10) في الطبقات وشيء من الموازنات .



هذا ما حدده المؤلف في مقدمة الجزء الأول خاصاً بالجزء الثالث ، وبمراجعة ما عثر عليه الأستاذ محمد سعيد العريان وقدمه للطبع فعلاً ، نجد أنه لم يتحدث عن تاريخ الخطابة والأمثال جاهلية وإسلاماً ، ولا أدري كيف أغفله الرافعي ، لأن مراجعه ميسورة ، ولا يحتاج إلى جهد كبير ، كماً أو كيفاً ، وقد كتب الكاتبون في هذا الموضوع بعد الرافعي فوفوا المقام في صفحات لا تعدو في حجمها العددي باباً من الأبواب التي كتبها الرافعي في الجزء الثالث ، كذلك لم يتحدث عن تاريخ الكتابة وفنونها وأساليبها ورؤساء الكتاب وما يجري هذا المجرى ، وأنا أكاد أجزم بأن الرافعي لم يكتب هذا الباب ، لأنه يحتاج إلى مجلد ذي أجزاء فتاريخ الكتابة أموية وعباسية وأندلسية وفاطمية ومملوكية حتى هذا العصر لا يمكن أن يجيء في فصل واحد ، وكان الرافعي لحظ ذلك فتركه حتى يتهيأ الوقت لأدائه على وجهه الصحيح ، وكذلك نقول فيما تركه الرافعي من الحديث عن حركة العقل العربي وتاريخ العلوم من شرعية ولسانية وتجريبية وتاريخية وفلسفية واجتماعية إلى آخر ما يندرج تحت مادة العلوم لا يقوم به فصل من كتاب مهما توخى صاحبة الإيجاز ، حتى ولو سلك مسلك كتب المدارس الثانوية في اختصارها الشديد ، وما هكذا الرافعي ذو القول الزاخر كالعباب ، أما باب الطبقات وشيء من الموازنات فيمكن أن يضغطه فصل من فصول الرافعي ، ذات اللمح والإيماء أو ذات التشريح والتحليل !



أمور سبق فيها الرافعي غيره







وإذا كنت قد أشرت إلى الفصول التي دونها الرافعي في الجزء الثالث فلا يفوتني أن أشير إلى سبقه الظافر فيما كتب عن أولية الشعر . وعن السبب في قلة الشاعرات ،وعن الموشح بالذات لأنه أول من فصل القول فيه من المحدثين إذ تولى القول فيه على هديه مع إيجازه السريع ، وقد وقفت طويلاًُ عند باب حقيقة القصائد المعلقات ودرس شعرائها ، حيث لم يتعرض لغير ثلاثة من السبعة المشهورين ، إذ قصر حديثه على امرئ القيس وطرفة بن العبد وزهير ، مع أنه تحدث في المقدمة عن السبع الطوال ، فهل اكتفى بهؤلاء الثلاثة وترك أمثال عنترة ولبيد وابن كلثوم والحارث ! وهم يندرجون تحت الباب ! أكبر الظن أنه تحدث عنهم ، وضاع ما كتب وإلا لكان من الواجب أن يبين لماذا ترك الحديث عنهم مع اكتفائه بسواهم ، فيكون القارئ على علم بما يدع ويأخذ ، دون حيرة في التعليل ، وما قلته عن سبق الرافعي في وصف الموشح أقوله عما كتبه عن الأدب الأندلسي ، فقد كان أسبق المعاصرين جميعاً في الحديث عنه بهذا التدفق المستطاب ، وقد ختم الجزء الثالث بفصلين جيدين عن كتب الشعر والمختارات وعن الصناعات اللفظية التي أولع بها المتأخرون ، وكأن هذا الفصل الأخير في كتب البلاغة لا في كتب الأدب ، لأنه يبحث عن شؤون من علم البديع ، وهي شؤون قليلة الجدوى كما أزعم .



هذه إلمامة بكتاب " تاريخ آداب العرب " أرجو أن أكون قد بلغت بها بعض ما أريد .
محمد رجب البيومي
 
 
 
 
 
 

الأربعاء، 18 أغسطس 2010

تاريخ الحضارات العام في سبع مجلدات










انها لاول مرة على ما نعلم، يصدر في تاريخ الادب الفرنسي، كتاب بهذا العنوان يتوج مجموعة من الكتب تتجه للراي العام، بمثل هذا الشمول. فهل في الامر ما يدعو للاستغراب، بعد ان سبق للوسيان فيفر واوضح كيف ان كلمة "حضارة" دخلت مصطلح العلوم متأخرة في الربع الاخير من القرن الثامن عشر، وان مدلولها الكامل لم يتضح على الوجه الامثل ولم يستقر مشتمله الاوفى الا بعد ذلك بكثير.



وعلى نقيض البربرية، عنى المصطلح الجديد، على لسان فلاسفة القرن الثامن عشر العقليين وكتابه الشعوبيين ومن لف لفهم، مجموعة من الخطط والنظم القمينة باشاعة النظام والسلام والسعادة، وبتطوير البشرية الفكري والادبي، وبتأمين انتصار الانوار، فالحضارة والحالة هذه، "وضع مثالي وحقيقي في آن واحد، عقلي وطبيعي..، سببي وغائي".



وراح القرن التاسع عشر بدوره يمكن لهذه الفكرة الاوروبية المحور ويرسخ لها في الاذهان. ووضع تقدم العلوم والتكنولوجيا بين أيدي الاوروبيين طاقة مادية بلغ من شانها ما ادخل في روعهم تسامي حضارتهم وافضليتها على سواها من الحضارات الاخرى. وهكذا "اخذ القرن التاسع عشر ينظر الى حضارته كالحضارة البشرية الفضلى"، وراح يعتقد ان من حقه فرض هذه النظرية على العالم كله بالقوة حتى تبناها وعمل بها ونهج عليها. الا ان طمأنينة الضمير الاوروبي لم تتعد هذا القرن، وقد انتهى امرها الآن، كما يستدل من التعابير التي درجوا على اصطلاحها تشاؤما، اذ كثيرا ما يتردد على شفاه الكتاب عبارات كهذه: "ازمة الحضارة"، و "الحضارة في خطر" و الحضارة على المحك".



لهذه الاسباب، فتاريخ الحضارة في مفهومه القومي الرحب، هذا التاريخ الذي يتناول بالدرس سجل الجماعات البشرية والمدنيات، ويرى في هذا التراث المتأتي الينا مراحل التطور الذي عرفته الانسانية في رقيها الصاعد، ويحصي على كل جماعة ما اسدته من خير للتراث المشترك، يصعب تجريده من غاية تجعل الحضارة وقفا علينا نحن الاوروبيين ابناء القرن العشرين .














الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

طوق الحمامة لإبن حزم الأندلسي




عن الكتاب

كتاب طوق الحمامة، هو كتاب لابن حزم الأندلسي وصف بأنه أدق ما كتب العرب في دراسة الحب ومظاهره وأسبابه. ترجم الكتاب إلى العديد من اللغات العالمية.



واسم الكتاب كاملاً طوق الحمامة في الألفة والأُلاف. ويحتوي الكتاب على مجموعة من أخبار وأشعار وقصص المحبين، ويتناول الكتاب بالبحث والدَّرس عاطفة الحب الإنسانية على قاعدة تعتمد على شيء من التحليل النفسي من خلال الملاحظة والتجربة. فيعالج ابن حزم في أسلوب قصصي هذه العاطفة من منظور إنساني تحليلي. والكتاب يُعد عملاً فريدًا في بابه.

أبواب الكتاب
قسم ابن حزم كتابه طوق الحمامة إلى ثلاثين بابا بدء بباب علامات الحب وقد ذكر منها إدمان النظر والإقبال بالحديث عن المحبوب والإسراع بالسير إلى المكان الذي يكون فيه المحبوب والإضطراب عند رؤية من يحب فجأة وحب الحديث عن المحبوب بالإضافة إلى الوحدة والأنس بالإنفراد والسهر.



باب ذكر من أحب في النوم وذكر فيه كثرة رؤية المحبوب في المنام ثم باب من أحب بالوصف وفيه ذكر وقوع المحبة بأوصاف معينة حتى لو لما يرى المحبوبين بعضهما فقد تقع المحبة لمجرد سماع صوت المحبوب من وراء جدار.



باب من أحب من نظرة واحدة وفيه ذكر وقوع الحب في القلب لمجرد نظرة واحدة ثم باب من لا يحب إلا المطاولة وفيه ذكر المحب الذي لا تصح محبته إلا بعد طول كتمان وكثرة مشاهدة للمحب ويصرح المحب بحبه بعد مقابلة الطبائع التي خفيت مما يشابهها من طبائع المحبوب ثم ذكر باب من أحب صفة لم يستحسن بعدها غيرها مما يخالفها وذكر فيه أنه من أحب صفه كانت في محبوبته لم يرغب بصفة غيرها فمن أحب شقراء الشعر مثلا لا يرضى بالسوداء الشعر.



باب التعريض بالقول وذكر فيه أن أول ما يستعمله أهل المحبة في كشف ما يجدونه إلى أحبتهم بالقول إما بإنشاد الشعر أو طرح لغز أو تسليط الكلام.



باب الإشارة بالعين وذكر فيه إشارات المحبوب لمحبوبه بالعين فالإشارة بمؤخرة العين الواحدة تعني النهي عن الأمر وإدامة النظر دليل على التوجع والأسف وكسر نظرها دليل على الفرح والإشارة الخفية بمؤخرة العين تعني سؤال وترعيد الحدقتين من وسط العينين تعني النهي العام وإعتبر ابن حزم أن العين أبلغ الحواس وأصحها دلالة وأوعاها عملا عن بقية الحواس.



باب المراسلة وذكر فيه المراسلة بالرسائل وقد ذكر فيه صفات الرسائل بين المحبين وشعورالمحب بالسرور عند تلقيه رسالة من محبوبه.



باب السفير وذكر فيه صفات الوسيط بين المحبوبين كالكتمان والوفاء للعهد والنصح ثم باب طي السر ويذكر فيه صفات المحب حين يخفي حبه كجحود المحب إن سئل والتصنع بإظهار الصبر ويكون سبب الكتمان الحياء الغالب على الإنسان وحتى لا يشمت به الأعداء.



باب الإذاعة وتحدث فيه عن أسباب إذاعة الحب ويكون ذلك حتى يظهر صاحب هذا الفعل في عداد المحبين ويكون ذلك بسبب غلبة الحب ثم باب الطاعة ويذكر فيه أسباب طاعة المحب لمحبوبه وفي باب المخالفة أسباب مخالفة المحب لمحبوبه مثل غلبه الشهوة.



باب العاذل وفيه ذكر اللوم للمحبوب وأثره في النفس ثم باب المساعد من الإخوان وفيه ذكر صفات الصديق المخلص الذي يعلم بأمر المحبوبين ويكتم السر ثم باب الرقيب وفيه ذكر صفات المراقب للمحبوبين ومحاولة الرقيب إظهار سرهما والبوح بوجودهما ثم باب الواشي وقد ذكر فيه صفات الواشي الذي يريد القطع بين المتحابين والإطلاع على أسرار المحبوبين وذكر الوشاة الكاذبين وذكر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأقوال والأشعار التي تنهى عن الكذب.



باب الوصل وفيه ذكر وصل المحبوب والمواعيد بين المحبوبين وانتظار الوعد من المحب ثم باب الهجر وذكر فيه هجر المحبوب لمحبوبه عندما يكون هناك رقيب حاضر وقد يكون من اجل التذلل وقد يكون من أجل إبعاد الملل أو بسبب العتاب لذنب يقع من المحب.



باب الوفاء وفيه ذكر وفاء المحب لمحبوبه وذكر صفات الوفاء بين المحبوبين ثم ذكر باب الغدر ثم ذكر باب البين وهو افتراق المحبوبين عن بعضهما وذكر صفات مفارقة المحبوبين لبعضهما ثم باب القنوع وذكر فيه قناعة المحب بما يجد إذا حرم الوصل بين المتحابين وذلك من خلال الزيارة بين المتحابين من خلال النظر والحديث الظاهر ثم باب الضني وقد ذكر فيه معاناة المحب بعد فراق محبوبه وعلامات الضعف التي تصيب المحب بعد الفراق ثم باب السلو وقد ذكر فيه اليأس الذي يدخل إلى النفس من عدم بلوغها أملها وقد قسمه ابن حزم إلى النسيان والملل والاستبدال.



باب الموت وذكر فيه الموت بسبب الحب وذكر قصص من ماتوا من أجل مفارقتم من يحبون.



باب قبح المعصية وفيه ذكر العفة وترك المعاصي والإبتعاد عن موافقة الشيطان والإبتعاد عن الفتن والفجور وغض البصر والنهي عن المعصية وذكر الزنا في القرآن والأحاديث النبوية الشريفة.



باب التعفف وقد ذكر فيه البعد عن المعصية والفاحشة والخوف من الله تعالى وقد ذكر أبيات شعرية تحث على التعفف.

عن الكاتب

علي بن حزم الاندلسي هو الأمام البحر، ذو الفنون والمعارف، أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد الأندلسي القرطبي اليزيدي مولى الأمير يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي (30 رمضان 384 هـ / 7 نوفمبر 994م.قرطبة - 28 شعبان 456هـ / 15 اغسطس 1064م ولبة). أندلسي أصله من بادية ولبة, أكبر علماء الإسلام تصنيفًا وتأليفًا بعد الطبري، وهو إمام حافظ ,فقيه ظاهري، ومجدد القول به، بل محيي المذهب بعد زواله في الشرق، ومتكلم، اديب، وشاعر، وناقد محلل، بل وصفه البعض بالفيلسوف، وزير سياسي لبني امية. يعد من أكبر علماء الأندلس. قام عليه جماعة من المالكية وشرد عن وطنه. توفي في منزله في أرض أبويه منت ليشم (مونتيخار, لبله, ولبة حاليا).
 
المصدر ويكيبيديا
 
 
 

كتاب مائة طريقة لتحفيز نفسك لستيف تشاندلر




في هذا الكتاب يمدك "ستيف تشاندلر" بمائة طريقة من أعظم

الطرق الفعالة لتحويل اتجاهاتك الواهنة إلى إنجازات قوية تتميز

بالتفاؤل والحماس سمكن أن يقوم هذا الكتاب بمساعدتك على أن

تغير من حياتك إلى الأبد...
 

السبت، 14 أغسطس 2010

رواية رجال في الشمس لغسان كنفاني





عن الكاتب

يعتبر غسان كنفاني أحد أشهر الكتاب والصحافيين العرب في عصرنا. فقد كانت أعماله الأدبية من روايات وقصص قصيرة متجذرة في عمق الثقافة العربية والفلسطينية.

ولد في عكا، شمال فلسطين، في التاسع من نيسان عام 1936، وعاش في يافا حتى أيار 1948 حين أجبر على اللجوء مع عائلته في بادئ الأمر إلى لبنان ثم الى سوريا. عاش وعمل في دمشق ثم في الكويت وبعد ذلك في بيروت منذ 1960، وفي تموز 1972، استشهد في بيروت مع ابنة أخته لميس في انفجار سيارة مفخخة على أيدي عملاء إسرائيليين.

أصدر غسان كنفاني حتى تاريخ وفاته المبكّر ثمانية عشر كتاباً. وكتب مئات المقالات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني. في أعقاب اغتياله تمّت إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية، في طبعات عديدة. وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات. وتُرجمت معظم أعمال غسان الأدبية الى سبع عشرة لغة ونُشرت في أكثر من 20 بلداً، وتمّ إخراج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة. اثنتان من رواياته تحولتا الى فيلمين سينمائيين. وما زالت أعماله الأدبية التي كتبها بين عامي 1956 و1972 تحظى اليوم بأهمية متزايدة.

على الرغم من أن روايات غسان وقصصه القصيرة ومعظم أعماله الأدبية الأخرى قد كتبت في إطار قضية فلسطين وشعبها فإن مواهبه الأدبية الفريدة أعطتها جاذبية عالمية شاملة.

كثيراً ما كان غسان يردد: <<الأطفال هم مستقبلنا>>. لقد كتب الكثير من القصص التي كان أبطالها من الأطفال.

ونُشرت مجموعة من قصصه القصيرة في بيروت عام 1978 تحت عنوان <<أطفال غسان كنفاني>>. أما الترجمة الإنكليزية التي نشرت في عام 1984 فكانت بعنوان <<أطفال فلسطين>>
 
ملخص عن الرواية
 
رواية (رجال في الشمس) رواية قصيرة تقع في ( 110صفحات) , ببساطة تحكي عن ثلاثة فلسطينيين, ونتيجة للاحتلال الصهيوني والعنف الذي مارسه الصهاينة ضد الفلسطينيين, ولضيق ذات اليد وشظف العيش, قرروا الخروج من الوطن بحثا عن لقمة الخبز0



كانت الكويت في بداية نهضتها, بدأت تستقطب العمالة العربية الوافدة, فكان هدفهم الوصول إلى الكويت للعمل , ولأنهم لا يملكون أية أوراق ثبوتية أو جوازات السفر , فكان الطريق الأقصر هو التسلل تهريباً إلى الكويت 0 فاجتمع الثلاثة في البصرة , النقطة الأقرب إلى دخول الكويت , وتعرضوا لابتزاز عصابات التهريب0



حتى يلتقوا بواحد من جلدتهم (أبو الخيزران) الذي يعمل سائقاً لأحد خزانات المياه العائدة لتاجر كويتي, وكان في البصرة لإصلاح الخزان, فيقنعهم بأنه خير من يوصلهم إلى الكويت0



وخلال نقله إياهم يطول عليهم الوقت وهم داخل الخزان في حر الصيف الملتهب في الصحراء فيختنقوا ويموتوا , فيرميهم السائق قرب المزابل بعد أن يجردهم من أموالهم وممتلكاتهم .






الجمعة، 13 أغسطس 2010

كتاب الكامل في التاريخ لعز الدين الشيباني





من أشهر كتب التاريخ الإسلامي، وأحسنها ترتيباً وتنسيقاً. طبع مرات كثيرة، أولها في ليدن سنة 1850—1874م بعناية تورنبرج، ثم في مصر 1303هـ. ألفه عز الدين ابن الأثير في الموصل، ورتبه على السنين، وانتهى به إلى عام (628). ثم أهمله في مسوداته مدة طويلة، حتى أمره الملك الرحيم بالاجتهاد في تبييضه. قال: فألقيتُ عني جلباب المهل، وأبطلت رداء الكسل..وقلت: هذا أوان الشد فاشتدي زيم...وسميته اسماً يناسب معناه، وهو: (الكامل في التاريخ). ثم أعقب ذلك بكلمات في فوائد علم التاريخ، ثم افتتح كتابه بذكر بدء الخلق، وقصص الأنبياء حتى صعود السيد المسيح، وأعقبه بفصل في ذكر من ملك من ملوك الروم بعد رفع المسيح (ع) إلى عهد محمد (ص) ثم أخبار الهجرات العربية، وأيام العرب قبل الإسلام، ثم السيرة النبوية حتى عام (11هـ). وافتتح المجلد الثاني بذكر مرض النبي (ص) ووفاته حتى حوادث سنة (65). ووصل بالمجلد الثالث إلى حوادث سنة (168) وبالرابع إلى آخر خلافة المقتدر سنة (295) والخامس حتى سنة (412) والسادس حتى سنة (527) والسابع حتى سنة (628) وهو أهم أجزاء الكتاب وفيه الكثير من مشاهداته وذكرياته. ويؤخذ عليه انحرافه عن صلاح الدين، وإن كان في الظاهر يثني عليه. وذكر في سبب تأليفه أنه رأى كتب التاريخ متباينة في تحصيل الغرض، يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل إلى العرَض..وسود كثير منهم الأوراق بصغائر الأمور....والشرقي أخل بذكر أخبار الغرب، والغربي أهمل أحوال الشرق، فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخاً مفصلاً إلى وقته يحتاج إلى مجلدات كثيرة. وذكر أنه أفرغ فيه كل تراجم الطبري، وما فيه من الروايات التامة، مضيفاً إليها ما عثر عليه في التواريخ المشهورة. قال: (إلا ما يتعلق بما جرى بين أصحاب رسول الله (ص) فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئاً) وإنما اعتمدتُ عليه من بين المؤرخين إذ هو الإمام المتقن حقاً، الجامع علماً وصحة اعتقاد وصدقاً. قال: (وذكرت في كل سنة لكل حادثة كبيرة ترجمة تخصها..وأما الحوادث الصغار فأفردت لجميعها ترجمة واحدة في آخر كل سنة، فأقول: ذكر عدة حوادث. وذكرت في آخر كل سنة من توفي فيها من مشهوري العلماء والأعيان). انظر التعريف بكتابي أخويه: (النهاية) و(المثل السائر). وانظر د. فيصل السامر (ابن الأثير ص87 و161) وفيه جداول مهمة لكتاب الكامل. وكان ابن الأثير من أصدقاء ياقوت الحموي، وهو الذي نفذ وصيته بعد موته.

الخميس، 12 أغسطس 2010

القصائد الشرقية لألكسندر بوشكين

يعد "بوشكين" من أعظم الشعراء الروس في القرن التاسع عشر، ولقب بأمير الشعراء. ودراسة هذا الشاعر تدفعنا إلى دراسة الأدب الروسي جملة، ومعرفة مراحل القيصرية الروسية منذ "بطرس الأول" حتى "نيقولا الأول"، وكذلك معرفة الحوادث التاريخية التي وقعت في النصف الأول من القرن التاسع عشر

وبالرغم من أن بوشكين لم يعش أكثر من 36 عامًا، فإنه قد ترك الكثير من الآثار الأدبية؛ لدرجة أن قراءه يشعرون أنه قد عمَّر كثيرًا..







اعتبر عصر بوشكين هو العصر الذهبي للشعر الروسي، وهو عصر التقارب بين الأدب الروسي من جهة والآداب العربية والشرقية من جهة أخرى

وعُرف العهد الذي عاش فيه بوشكين بالاستبداد الاجتماعي؛ فكانت السلطات مركزة بين القيصر والنبلاء، وكان بوشكين الذي انحدر من أسرة نبيلة يعبر عن انحلال وسطه، ويطالب بحرية الشعب، بوصفه المرجع الأول والأخير للسلطة، وكان أول من دعا إلى الحد من سيادة النبلاء في روسيا، وكان ناقما على مجتمعه مطالبًا بتقييد الحكم القيصري وإعلاء شأن النظام الديمقراطي بين الناس.. ولكن ما يؤخذ عليه أنه حصر بعض آماله في الحصول على بعض الحريات السياسية والثقافية

تأثر في بدء طلعته بالأدب الفرنسي، ولكنه ما إن نضج واحتك بالمجتمع حتى اتجه صوب الأدب الإنجليزي، وتأثر باتجاه بيرون وشكسبير الذي نحا نحوه في مسرحياته مع احتفاظه بالطابع الروسي







ومن الجدير بالذكر أنه قد زار القرم والقوقاز وتأثر بالمحيط الإسلامي، وكتب بعض القصائد التي تشير إلى هذا التأثير: "الأسير القوقازي" و"القوقاز"، و"الليالي المصرية" التي لم يكمل كتابتها، وفي أثناء هذه الزيارة اهتم بتعلم اللغة العربية

النشأة والمؤثرات







ولد بوشكين في موسكو في السادس والعشرين من شهر مايو عام 1799.. نشأ في أسرة من النبلاء كانت تعيش حياة الترف واللهو، تاركة أمر الاعتناء بالطفل بوشكين إلى الخدم والمربين والجامب الذين كانوا عرضة للتغيير دائمًا، إلى جانب عدم إتقانهم اللغة الروسية إتقانًا تامًّا، وكان أبوه شاعرًا بارزًا في ذلك الوقت؛ فساعد ذلك على ظهور موهبته الشعرية مبكرًا، بالإضافة إلى ذكائه وذاكرته الخارقة

ترجع الجذور التاريخية لـ "بوشكين" إلى أصل حبشي (إفريقي)؛ فأمه "ناديشد أوسيبافنا" كانت حفيدة "إبراهيم جانيبال" الجد الأكبر لبوشكين، والذي كان من الضباط المقربين لدى القيصر "بطرس الأول"، وليس من الغريب أن يرث بوشكين بعض الملامح الإفريقية؛ فكان أجعد الشعر غليظ الشفتين بارز الصدغين

ونتيجة لتأثره بتاريخ جده إبراهيم جانيبال، فقد خصص رواية كاملة بعنوان "عبد بطرس العظيم" يحكي فيها قصة هذا الجد الذي تم إهداؤه إلى القيصر بطرس الأول، وأصبح من المقربين إليه، وتعد هذه الرواية من أعظم الروايات التاريخية الواقعية في تاريخ الأدب الروسي







تلقى بوشكين تعليمه في معهد النبلاء للتعليم الثانوي والعالي معا، ومدة الدراسة به ست سنوات، وقد أنشأ هذا المعهد "ألكسندر الأول" لتجهيز شباب الأسر الروسية العريقة لتولي المناصب الهامة في دائرة الحكومة القيصرية مستقبلا

من المعروف أن بوشكين في حياته الدراسية التفت حوله حلقة من عشاق الأدب والمفكرين والشعراء، وقد لاحظ الكثير من أساتذته موهبته العالية في نظم الشعر، وتميزت أحاسيسه بالقوة، وكان محبا وعطوفا على عامة الشعب

وحدثت بعض الوقائع التاريخية في أثناء دراسة بوشكين بالمعهد، وهى: مساهمة روسيا في السياسية الأوربية، وغزو نابليون لروسيا، وحرق موسكو، وزحف الجيوش الروسية على أوربا، وسقوط باريس، والقبض على نابليون ونفيه.. كل ذلك دفع بوشكين إلى المطالبة بالحرية في روسيا











أثرت سنوات دراسة بوشكين في تعزيز نزعته الأدبية والسياسية، كما كتب العديد من القصائد الشعرية في أثناء دراسته بالمعهد، مثل: "أمنية " و"العلم" و"رسالة إلى بودين". وبعد أن تخرج من المعهد أُسندت إليه وظيفة في وزارة الخارجية الروسية، وما تكاد ساعات العمل تنتهي حتى يفر إلى مجتمعات "بطرسيبورج" فيرتاد أنديتها الأدبية والعلمية







عرف عن بوشكين حبه للتجديد في شعره الذي كان يهدف من خلاله إلى إلغاء القيصرية، والقضاء على حق استرقاق الفلاحين

مذاهبه في الحياة والأدب

كتب بوشكين الكثير من المؤلفات التي عبّرت عن الحياة الثقافية والاجتماعية لروسيا في ذلك الوقت، مثل: "المصباح الأخضر"، و"إرزاماس".. انعكس حبه للحرية والعدالة في كتاباته، مثل: "إلى تشاداييف"، و"حكايات"، و"القرية"، كما كتب العديد من القصائد الشعرية، مثل: "الأسير القوقازي"، و"الأخوة الأشرار"، و"النور"







كان بوشكين متحمسًا للاتجاه العاطفي الرومانتيكي؛ لأنه كان يعتبره منافيًا لسائر الأساليب التي يقوم عليها الأدب الكلاسيكي المزيف، وكذلك فإنه يعطي للكاتب حق التصرف بالفكرة الموضوعة، ولكنه ما لبث بعد فترة أن غير اتجاهه إلى الواقعية، وألَّف بعض الأعمال التي عبّرت عنها فجاءت من صميم الحياة. وقدم بوشكين للقارئ من خلال أعماله صورًا من حياة أشراف روسيا، ونمط معيشتهم، وما اتسمت به الطبيعة الروسية







أراد بوشكين إحداث تغيير جوهري في المسرحيات الروسية وانقلابًا في المسرح الروسي كله؛ فاتجه إلى شكسبير، ووجد في مسرحياته الانطلاق، والإخلاص، والحقائق، والأهداف السامية، ورأى أن المسرح الروسي يتلاءم ومسرحيات شكسبير الشعبية في ذلك الوقت







في نوفمبر عام 1852 توفي "ألكسندر الأول" فجأة، وتولى "قسطنطين" الحكم، الذي تخلى عنه لأخيه نيقولا

لم يكد "نيقولا" يعتلي العرش حتى هبت ثورة "الديسمبرين" في 14 ديسمبر عام 1825، والتي تعد أول حركة ديمقراطية منظمة في روسيا، وكان بوشكين منحازا للديسمبرين، ونتج عن هذه الثورة قتل بعض زعمائها ونفي آخرين إلى مجاهل سيبريا

لم يستطع القيصر نيقولا أن يجد في مؤلفات بوشكين ما يشير إليه أو إلى سياسته فنقله من قرية "ميخايلوفسك" إلى موسكو،

مستخدمًا معه أسلوب اللين والمراوغة







أراد القيصر أن يجعل بوشكين شاعر البلاط، ويتغنى بالسلطات الرسمية خالعًا عليها كل آيات الثناء والتمجيد، وقد استطاع بوشكين بذكاء وحيلة التقرب من القيصر بالرغم من انتقاده له ولسياسته، ونتيجة لهذه العلاقة وجهت لبوشكين تهمة الخيانة







وفي عام 1831 تزوج بوشكين من أجمل فتيات روسيا "نتاليا نيقولا لايفنا جونتشاروفا"، وأنجب منها 4 أبناء، وقبل وفاة بوشكين كان مضطهدا من القيصر الذي كان يضايقه دائما؛ إما بنقله من مدينة لأخرى، أو إعطائه بعض الوظائف التي لا تليق بمكانته

توفي بوشكين مقتولا في مبارزة له مع أحد النبلاء الفرنسيين، والذي كان يدعى "دانتس"؛ دفاعا عن شرفه في وجه الشائعات التي أشيعت حول علاقة زوجته "نتاليا" بهذا الشاب الفرنسي، وكانت زوجته بريئة منها.. حدث له هذا عام 1837 عن عمر يناهز 36 عاما

مؤلفاته

اهتم بوشكين بتراخي الشعب الروسي وقضاياه؛ سواء كانت اجتماعية سياسة أو تاريخية، وظهر ذلك بوضوح في مسرحيته التاريخية التراجيدية "بوديس جودونوف" التي توخى فيها الدقة التاريخية والتحقق من صحة الأحداث، وكان موضوعها الشعب والسلطة.. أراد بوشكين أن يقول من خلالها إن السلطة لن تكون مهيبة إن لم تعتمد على الرأي العام







كما كتب روايته الشعرية الشهيرة "الغجر"، والتي ظل عاكفا عليها لمدة سنتين، وكتب قصة "الأمية القائدة"، والرواية الشعرية "الفارس النحاسي" التي استوحاها من تمثال بطرس الأكبر، القائد بساحة مجلس الشيوخ في "بطرسبورج

وكان بوشكين من أشد المعجبين بهذا القيصر، وكتب الكثير من المؤلفات عنه

وتعد رواية "دوبرفسكي"، التي تحكي عن شاب هارب من إحدى طبقات النبلاء، أعظم ما كتب في تاريخ الأدب الروسي؛ فمن خلالها رسم بوشكين صورة للحياة الروسية في بداية القرن التاسع عشر، وما كان سائدا من استبداد النبلاء واسترقاق الفلاحين في ذلك الوقت

تحدث عن الطبيعة، والحب، والصداقة، ووطنية الشعب الروسي في كثير من أشعاره، مثل: "إلى البحر"، و"أحبك"، و" الخريف في بولدينة

أما رواية "أوجين" أو "نيجين" فتعتبر أول رواية شعرية واقعية في تاريخ الأدب الروسي، وقد حصلت على لقب "موسوعة الحياة الروسية"؛ حيث يظهر فيها أمام القارئ جميع طبقات المجتمع الروسي في ذلك الوقت

آراؤه في الفن







يرى بوشكين أن هناك رابطة بين الشعر والمجتمع وبين الفن والتعليم، كذلك يرى أن الفن يجب أن يكشف عن حقيقة الحياة، وأن يمتلك علاقة عميقة بإبداع الشعب، بل وأن يكون له طابع وطني

تميزت كتاباته بالواقعية؛ فكان أول من دعا إلى المذهب الواقعي في الأدب الروسي الذي يقوم على وقائع الحياة البشرية، وصور جميع المجتمع الروسي من فلاحين، وأشراف، وصناع، وحرفيين، وأعيان نبلاء

نتيجة لاطلاعه على الحقائق الروسية التاريخية، وتعرفه على مختلف نواحي الحياة في بلاده ومعرفته لتاريخها، وتتبعه للعلاقات بين طبقات الشعب.. كل هذا أتى بثماره في تبلور نزعته الواقعية في الأدب والشعر.
 
 
 

المشاركات الشائعة

إخترتنا لكم